أرى الوقت يمر علي ببطئ شديد ، وكل من حولي فرح سعيد ، مبتهج لعيد الأم المجيد ، كل خرج من عمله متسارع للتحضير لهذا العيد ، وأنا خرجت أيضاً معهم بلاوعي ولا تحديد ، وتوقفت عند محلات الصاغة وأطلت الوقوف هناك فقد احترت ماذا أهدي أمي بهذه المناسبة فهناك العديد العديد ، أخيراً لقد اشتريت إسوارة وخاتم لتزين بهما تلك اليدين وتبقي ذكري لأجل بعيد.
شعور غريب ينتابني شعور فيه فرح وشعور فيه ألم ، شعورمحير هل أنا سعيدة أم تعيسة ، هل أنا مسرورة أم مقهورة .
تغلبت على هذه المشاعر المتخبطة ببعضها ، وأدرت محرك السيارة وتوجهت لمحلات الورود لأمسك بباقة رائعة البياض كبياض ونقاء قلب أمي .
وصلت إلى المنزل ، بدأت قدماي تتثاقل لا أستطيع المشي لا أستطيع الحراك كما لو أنني مقيدة بقيود وحبال ، تحملت هذا أيضاً وضغط على نفسي وسرت على أقدامي إلى أن وصلت باب البيت وهنا أحسست بأنني أحمل جبال ، ورواسية وأحمال ، بدأت أنادي أمي أمي لقد حضرت ومعي الشكر والعرفان ، معي رد الجميل وطلب الرضوان ، معي كل الحب والوئام ، معي أجمل معاني الإحترام ، معي جزء يتجزأ من أجزاء التقدير لأعظم أم في الوجدان .
أمي لماذا لا أسمع ردك لماذا لا أسمع جوابك وصلت إلى غرفة الجلوس ولم أجدك وذهبت إلى غرفة نومك ولم أجدك ، نزلت دموع من عيوني ، وايدي تطبطب على كتفي ، والدي والدموع شلال بعيونه ، ضمني إلى صدره وقال لا تبكي فأنا هنا ورحم الله والدتك ، كنت على يقين أنني لن أجد أمي ولكن ماذا أفعل بقلب وعقل لا يقتنع فهذا أول عيد أم يمر علينا وهي ليست بيننا ليست معنا ، لا نرى ابتسامتها لا نرى دموع فرحها وهي على فراش المرض ، لانسمع دعائها لانسمع ترضيها علينا واحد واحد وبأسمائنا.
أين هي اليوم عنا ؟ أين هو الحنان الذي يجمعنا ؟ أين هو الحب الذي يلمنا ؟ أين هي اليد التي تمسح دموعنا ، أين هو الحضن الذي يضمنا ؟ أين وأين وأين ؟
زرعت في نفسي بذرة أمل رؤية أمي ، وحصدت خيبة أمل قتلتني ، اشتريت اسوارة وخاتم وأنا أعلم أن لها يد مشلولة ، وبحثت عنها في أرجاء البيت وأنا أعلم أنا مقعدة ، ناديتها وأنا أعلم أنها لن ولم تسمعني أبداً لأنها دفينة ، غرزت في قلبي سكين الغيرة ، لماذا الجميع يحتفل بأمه وأنا وحيدة ، تجاهلت القدر والأحكام الإلاهية ، أسغفرك ربي ورحماك انت القادر على تلك النفس الشيطانية .
عيدك أمي أحتفل به اليوم أنا واخوتي بشلال من الدموع يسقي به بساتين وردية ، كنا نود القول أننا اشتقنا لكي شوق الندى للزهور الندية ، اشتقنا لتقبيل يدكي التي مسحت دموعنا الشقية ، اشتقنا لصوتك الذي دعا لنا مليه ، اشتقنا للحنان الذي جمعنا سويه ، رحمك الله يا أمي وكل ثانية ولحظة ودقيقة وساعة ويوم واسبوع وشهر وسنة وعام وانت مغفورة الذنب نقية ، وفي جنة الخلد محوية ، وندعوا لكي مرارا ولن نتوقف فهناك من الدعاء بقية ، رحمك الله أمي ورحم الله أموتنا وأموات المسلمين جميعا واسكنهم جناته الفردوسية.
مع تحياتي