صيف كام سعودي كام شات غرور كام شات غزل كام شات الوله شات حبي شات صوتي
منتدى دمعـــة ولـــه - عرض مشاركة واحدة - عناقيد الحب...أولى محاولاتي القصصية
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2006, 03:25 AM   #3


الصورة الرمزية نور الدنيا
نور الدنيا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 241
 تاريخ التسجيل :  Jun 2006
 أخر زيارة : 09-29-2014 (11:59 AM)
 المشاركات : 282 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




حبيبي :
لقد خرجت اليوم لأرتاض قليلا وبعد أن وصلت لملتقانا شعرت بأن الجو بدأ يتغير، فملأت الأفق سحابة سوداءتنذر بعاصفة هوجاء، فاسرعت بالعودة للمنزل وفي الطريق صادفت صديقك فراس وسألني عنك، ويبعث لك بسلامه ، وهو عاتب عليك، لما يا أحمد لا تسأل عن أصدقائك؟! يظهر أن الكل يحبك ويريد أن تخصه بشيء، آه نسيت أن أخبرك أنا في شهري الرابع والجنين لايهدأ دائما يسأل عنك..والآن أرى حبات الثلج بدأت تتساقط خارج النافذة، أتذكر حين كنت أقول لك متى يذهب الشتاء ليجيء الربيع، واليوم انتظر بفارغ الصبر ذهابه لتأتي أنت.
وحتى تعود لي سالما
لك حبي وأخلاصي
ندى

حبيبتي:
كم سعدت برسالتك فهي تكاد تخفف عني عناء العملن وكم اشتاق لرؤياك والصور وحدها لا تكفي، عندما قرأت خطابكووصلت للسطور الأخيرة بدأت مخيلتي تعيد لي ذكريات الطفولة ..ما أجملها حين كنا كعصفورين نحلق هنا وهناكن نبني القصور من الرمال ونقطف الأزهار..الأقحوان والجوري والبنفسج والسوسن لنعمل بها أطواقا واكاليل وكنا نسمي اطفالنا بزهرة وزاهر وسوسن ونرجس وغيرها من أسماء الزهور..أتذكرين حين تشاجرنا لأول مرة وآخر مرة حول زهرة كنت اسألك كيف ستعيديها سيرتها الأولى!!بعد أن قطفتيها ..أما الآن لو استطيع لصنعت لك أجمل طوق ووضعته على شعرك الناعم ..فقد أيقنت سر وجود الأزهار؛ ليصنع منها اطواقا واكاليل توضع على شعرك، أنت فقط يا سيدتي من يعطي للأزهار قيمتها.
واخيرا: لو استطيع لثم هذا الجسد الذي يحمل بداخله أجمل ذكرى لأجمل حب...
سلامي لك ولطفلي
احمد


حبيبي:
كل شي بدأ أبيضا كقلوب أهل هذه القرية الطيبة، خرج ابي للعمل، وخرجت أنا لزيارة الأهل والأصدقاء،وفي طريق عودتي ذهبت للشجرتان الصامدتان أمام الريح، وجلست قليلا هناك وتذكرت وأنا أجول بناظري السماء تلك السطور التي قرأناها معا في أحد الكتب في نفس المكان:" هذا عالم جميل يلهب خيالك بالرؤى حين تنظر للغيوم دعك من قدميك المغروزتين في الوحل".
فعلا هذا العالم جميل ولكن حين تكون معي أنت وحدك من يلهب خيالي بالرؤى، ومشيت قليلا وكاني أسمع فيروز تغني –كما كنا نغني لها- تلك الأغنية:
أعطني الناي وغني
فالغناء سر الوجود
وانينا لايبقى
بعد ان يفنى الوجود
هل اتخذت الغاب مثلي
منزلا دون القصور
فتتبعت السواقي
وتسلقت الصخور
هل تحممت بعطري
وتنشفت بنور
وشربت الفجر خمرا
في كؤوس من اسيل
أعطني الناي وغني
فالغناء سر الوجود
وانينا لايبقى
بعد أن يفنى الوجود
هل جلست العصر مثلي
بين جفنات العنب
والعناقيد تتدلت
كثريات الذهب
هل فرشت العشب ليلا
وتلحفت الفضاء
زاهدا فيما سيأتي
ناسيا ما قد مضى...
فأطرقت أسمع صوتينا ونحن نغني عاليا هذه الأغنية ونقطف الأزهار، فلم أتمالك نفسي وأخذت أبكي هذه الذكريات، فوجدت مسمارا نحت به اسمي واسمك وتاريخ هذا اليوم على الشجرة ، وحفرت حرفي على شجرة وحرفك على الأخرى حتى نكون دوما كهاتين الشجرتين.
وحتى تعود لي سالما
لك حبي واخلاصي
ندى 15/ 1/1996

حبيبتي:
خرجت اليوم لعملي كالمعتاد وقدمت بطلب إجازة وتمت الموافقة عليها، فأنا لا أكاد أصدق، قريبا سأكون عندك، وستبدأ الإجازة بمنتصف نيسان ، كم أنا محظوظ سنحتفل معا بذكرى زواجنا..
وإلى لقاء قريب بإذن الله.
لك سلامي ولطفلي
أحمد


حبيبي:
أكتب لك من الجنوب، من زينة لبنان ، رفم كل القيود ، رغم الاحتلال...لم أزل أذكر تلك العبارة التي قلتها: إن أجمل ابتسامة بالوجود هي التي تشق طريقها بين الدموع..وها هي قانا تشبه هذه الابتسامة.
اكتب لك ياحبيبي وقد حل الربيع ربيع العصافير والأزهار..الكل أجتمع مثل كل سنة يحتفل بمقدم الربيع إلا أنا انتظرك..فلا ربيع دونك..فأشجار أثمرت وأينعت والازهار تفتحت،وشجرتك المغروسة تفرعت وتنتظرك، وقد طال فراقك وازداد شوقها لك..مثلي انا مشتاقة، وها هي طفلتك ..إنها تنظر إلي معاتبة فهي مشتاقة لك ايضا اكثر مني رؤريتك.. منذ ان وضعتها منذ اسبوعين نهضت وغرست لها بجانب غرسك بذور الرمان..ليتك تأتي وتسقي غروسنا وزرعنا.
سعدت جدا عندمت اخبرتني بموعد إجازتك ...وإني لأنتظرك بفارغ الصبر.
أحبك
ندى
29/ 3/ 96م


أخذ احمد يحزم حقائبه، وكان صاحبه بسام معه يراقبه ويتأمله ، فقال:
-أحمد ..أريد ان توصل هذه الرسالة لأهلي في بيروت لاتنسى!
-حسنا! اصبحت الآن ساعي البريد الله يزيد المحبة!
-تعلم يا أحمد اتمنى لو أني أحزم حقائبي مثلك وأعود عودة العائد للأبد وليس الزائر أياما تمضي بسرعة.
-لماذا تشعر بالغربة وأنت معك زوجتك وابنتك ؟ ألا تملآن الفراغ؟؟
-بلى! ولكن الوطن شيء آخر.
-هيا ياصديقي تشجع إنها أيام وستمضي ويعود لبنان الواحد مثل ما كان.
-ان شاء لله.
ويحمل صديقه الحقيبة عنه بينما يهم هو باغلاق بيته الصغير ..بيت ندى.

تحلق الطائرة عاليا بالفضاء وبعد ساعتين فإذا بصوت المضيفة يقتحم الجو:
-دخلت الطائرة أجواء لبنان وبعد دقائق تهبط في مطار بيروت، فالجاء ربط الأحزمة وشكرا.

ينظر أحمد عبر النافذة لبيروت المدينة النائمة في جنة من جنات الخلود..بيروت تحلم، لقد تراءت له كذلك، كأنها عروس .. وفجأة ..تزاحمت نشرات الأخبار بأنباء عن عناقيد الغضب حيث أخذ الجيس الأسرائيلي يقصف بلا هوادة ولارحمة الآمنين في الجنوب وفي قانا بالذات..إن هناك مذابح تسيل فيها الدماء أنهارا..
تمتم أحمد:
-أي جنون هذا..يالهم من اوغاد...


ركب احمد الحافلة التي تقله لقانا في حين غطى الظلام بلحافه الأسود الطريق المؤدي إلى الجنوب، وتوقفت الحافلة قليلا حيث فتح الطريق للهاربين من المذابح واعطيت الأولوية لدخول رجال الإسعاف والإنقاذ ...والإعلام!
وفجأة تراءى لأحمد طيف ندى ..إنها تتألم وتناديه فصرخ فزعا:
-آه ..ندى ..آه واخذ يصرخ ويتأوه كان مسا قد مسكه وفي نفس اللحظة كانت ندى تصرخ هي الأخرى وتنادي عليه من بعيد بعد ان وقعت قذيفة على الملجأ الذي أحتمت فيه.
أخذ من معه بتهدئته ثم أخذ يتمتم باغنيه لفيروز:
من اليوم اللي كون ياوطني الموج
كنا سوا
لليوم اللي بيعصف فيه ياوطني الغيم
حنبقى سوا
راجع مثل أمس يا وطني السلام
على رماد اللي راح
على حادم الزمان
على حجار السدود اللي يبنوا منها الحيطان
على منديل أمي..على ابواب البيوت
عم بكتب ياوطني.. وطن مابيموت
أنت أنت ..ياعمري اللي كنت ..رسمتك ياوطني
وطن السلام...

وهنا أجهش بالبكاء



فقد شعر بأن هناك مكروها قد مس ندى ، لأهل قريته ما هو هذا الشيء؟؟ ولم يفهم سر هذا الإحساس الذي سيطر عليه ، وكأنه يسمع صراخا وعويلا، لقد كان إحساسه قوي وشفاف كأنه يرى أهله عبر ستار رقيق!!

أطل صباح التاسع عشر من نيسان وتراءت له قريته من بعيد وقد غطت طبقة كثيفة من الدخان المتصاعد إلى السماء من جراء القصف المستمر على المدينة ، نزل احمد إلى الطريق المؤدية لقريته، ومر قبل ذهابه إلى لمنزل حبيبته بالملتقى ولعله يراها هناك جالسة كما كانت ..بالفعل تمنى لو أنه يراها ولو للحظة واحده فقط ويقف الزمان لهذه اللحظة، إنه لا يريد أن ترحل قبله فهو لم يطيق يوما الحياة دونها..لقد أحبها وشغف بها، فهي تسكنه وربما كان يعيش لأجلها، فماذا يفعل إنا لم يجدها..
وصل ووجد المكان هو نفسه لم يتغير، وركع امام تلك الشجرة الشامخة حيث نحتت عليه حروف أسمها في ذلك اليوم، فقبلها قبلا ملتهبة لعلها تطفئ ما في قلبه من شوق وحنين، وتمنى في قرارة نفسه لو كانا هاتين الشجرتين يتعانقان تحت الأرض، ويرقصان معا فوقها، ولو حاول أحد قطع أوصالهما تظل جذورهما متشابكة ، ومن ثم أتجه نحو منزلها وإذا بحركة غير عادية أمامه، وخلفه سحابة دخان قاتمة السواد تحجب ضوء الشمس، فأحس بأن شيئا يحدث، ماذا؟! اتراها..لاياربي رحماك..وأخذ يجري فإذا بتغريد مقبلة نحوه والدموع تملأ عينيها قائلة:
-لقد عدت متاخرا...تم نقلها وقد فارقت الحياة....
-طفلتي..آه طفلتي..

وإذا بأمه جالسة على عتبة الباب وهي تولول وتندب حظها:
-يا حادي العيس ..ويلي على ولدي ..ويلي على كبدي..ويلي على بلدي...

ويجري نحو الداخل ليرى طفلته...
ويالسخرية القدر فشتان ما بين مساء الثامن عشر من نيسان لعام 1995، ومساء الثامن عشر من نيسان لعام 1996، ففي الأولى كان زفافهما، وفي الأخرى فراقهما،وفي ذلك اليوم كانت ندى تعيش أجمل أيام حياتها واليوم تموت ندى ويموت احمد كل لحظه دون أن يصل لها..
أبهذه البساطة ينتهي كل شيء، فمازالت صرخة ندى تصدح في ذلك الوادي، وكل يوم تصرخ ندى وكل يوم يتأوه احمد، ومازالت الشجرتان تقفان بشموخ ترويان قصة حب لم ينتهي، وما زالت الحروف باقية منحوتة بقوة على وجه التاريخ، تؤكد وجود ندى وأحمد، وها أنا على قمة هذا الجبل عند هاتين الشجرتين أسمع صوتهما يتسامران.. وفجأة يقفز أحمد فرحا يجمع بعض الأزهار وتختبئ ندى خلف إحدى الشجرتين، فيجري نحوها ويضج المكان بالضحكات العذبة، وما زلت أرى خيال ندى وهي تنتظر أحمد ..وفجأة ..أختفى كل شيء وعم المكان حزن عميق..ورهيب، فهما كأغنية قديمة نرددها بكل حين..
فغدا ستجيء ندى ثانيه وسيكون هناك احمد وتستمر الحكايه..حكاية عشق لا ينتهي...


تمت
24/يوليو(تموز)/1996


 


رد مع اقتباس