أمسكت بالقلم لكي أبدأ مشروع خاطرتي ، حاولت ان أنزف مداده على سطور الصفحات البيضاء ،
توقف ،
لأول مرة يتوقف قلمي عن النزف ،
لأول مرة لا يكتب ،
و لأول مرة سطور صفحاتي تبقي بيضاء نقية ،
و فجأة أسمع صوتا رقيقا :" لن أكتب شيئا بعد اليوم" ،
وبحثت عن الصوت ، يا ترى من هو ؟ ،
فأجابني :" أنه أنا قلمك الذي بيدك " ،
قلت: " كيف لك ان تتكلم وانت مجرد قلم جامد ؟ ،
قال: " كنت جامدا حتى سكبت نبض مشاعرك وأحاسيسك في مدادي ، واصبحت أنزف جروحك , وآلامك على صفحات السطور ، لن أكتب صدى آهاتك ، ولن أردد كلمات الفراق و الألم "
قلت :" لما وانت نفسي الذي أنفس به عن مكنون صدري ، وانت هوائي الذي أتنفس منه ، وانت بحري الذي ان خرجت منه فقدت الحياة " ،
فأجابني : " لو ان كل جمادات الكون سكبت فيهم ما تسكبه فيني ، لأصبحت حية ، ولأصبحت تصرخ و تتكلم مثلي وتقول ( كفى )" ،
قلت وانا أبتسم : " ولكني أعبر عما في نفسي يا صديقي العزيز "
فقال : " لقد حملت كلماتك صدق العبارة ، ومرارة الحرمان ، وآلم الفراق ، وطعنات الخيانة ، لا ، لا أستطيع أن أتحمل كل هذا ؟ "
فقلت متعجبا :" إذا قلمي الجامد لم يتحمل ما في مكنون قلبي وصدري، فكيف لم يتحمله "قلب" أحببته ، وعشقته ، وزرعته ، وأعتنيت به ، حتى إذا حان وقد الحصاد ، قطفه غيري ، وأخذه بعيدا عني ورحل؟"،
فالتفت الى قلمي فرأيته يسكب مدادا على السطور البيضاء ،
فقلت فرحا :" أخيرا وافقت على ان تنزف ما أكتبه على صفحات السطور"
فأجابني قلمي حزينا : " لم يكن هذا مدادي ، ولكنها قطرات دموعي ........."
لو قلت لك ياوحيد الدرب أنني سبحت في بحر كلماتك التي احسستها نابعة من القلب وابحرت في اعماقها وغصت فيها كلمات حملت الكثير من المعاناة والألم لاعدمنا مداد قلم ولا نبع كلماتك